​أكتوبر في عيون الغرب


إنه نتيجة للقتال المشرف الذي خاضتة الجيوش المصرية و السورية إسترد العرب كبرياءهم و ثقتهم في أنفسهم مما أدى إلى تدعيم النفوذ العربي على الصعيد العالمي بشكل عام فليس هناك شك من الوجهة الإستراتيجية و السياسية في أن مصر قد كسبت الحرب.
إن كفاءة الإحتراف في التخطيط و الأداء الذي تمت بها عملية العبور لم يكن ممكناً لأي جيش آخر في العالم أن يفعل ما هو أفضل منها و لقد كانت نتيجة هذا العمل الدقيق من جانب أركان الحرب وعلى الأخص عنصر المفاجأة التي تم تحقيقها هو ذلك النجاح الملحوظ في عبور قناة السويس على جبهة عريضة.
تلك الكلمات التي جائت على لسان المؤرخ العسكري الأمريكي " تريفور ديبوي" رئيس مؤسسة هيرو للتقييم العلمي للمعارك التاريخية بواشنطن في الندوة الدولية التي أقيمت عن حرب أكتوبر في القاهرة في الفترة من 27 – 31 أكتوبر 1975وحين طالعت مذكرات الرئيس الامريكي الأسبق ريتشارد نيكسون وجدته يصف تلك المشهد قائلاً "إنها خيبة أمل كبيرة من المخابرات المركزية الأمريكية سى.اى.ايه وكذلك من المخابرات الإسرائيلية المتعاونة معها والتي كنا نظن أنها ممتازة.. إننا لم نظن أن حرب ٦ أكتوبر ١٩٧٣ سوف تندلع ضد إسرائيل إلا قبل ساعات قليله من اندلاعها".
تلك الكلمات تجعلك تقف طويلا أمام تلك الملحمة التي قامت بها الشعوب العربية وشهد العالم أجمع ببراعتها على مستوى التخطيط وبسالتها على مستوى التنفيذ تزداد فخرا أنك تنتمي لتلك البلدان العربية، لقد اعترف العالم ببسالة الجندي المصري والعربي وشهد على بطولته في استعادة أرضه التي اغتصبها العدو الإسرائيلي في حين غفلة لن تتكرر.
فهل كان الرئيس أنور السادات يتصور وهو يطلق في الساعة الثانية من السادس من أكتوبر دباباته وجنوده لعبور قناة السويس أنه إنما أطلق قوة عاتية رهيبة كان من شأنها تغيير هذا العالم إن كل شيء من أوروبا إلي أمريكا ومن أفريقيا إلي آسيا لم يبق علي حاله التي كان عليها منذ حرب يوم عيد الغفران كما يسمونها, فان شيئا ما أكثر عمقا قد انقلب رأسا علي عقب في تلك العلاقة التي كانت قائمة بين العالم الصناعي ومستعمراته القديمة.
وحين تطالع كتاب الأيام المؤلمة في إسرائيل للكاتب الفرنسي / جان كلود جيبوه تجده يصف اللحظات الاخيرة في حياة الجندي الاسرائيلي حيث قال" في الساعة العاشرة والدقيقة السادسة منصباح اليوم الأول من ديسمبر اسلم ديفيد بن جور يون الروح في مستشفي تيد هاشوميربالقرب من تل أبيب، ولم يقل ديفيد بن جور يون شيئا قبل أن يموت غير انه رأي كل شيءلقد كان في وسع القدر أن يعفي هذا المريض الذي أصيب بنزيف في المخ يوم ١٨ نوفمبر١٩٧٣من تلك الأسابيع الثمانية الأخيرة من عمره، ولكن كان القدر قاسيا ذلك أن صحوة رئيس لمجلس الوزراء الإسرائيلي في أيامه الأخيرة هي التي جعلته يشهد انهيارعالم بأكمله، وهذا العالم كان عالمه، لقد رأي وهو في قلب مستعمرته بالنقب إسرائيل وهي تسحق في أيام قلائل نتيجة لزلزال أكثر وحشية مما هو حرب رابعة، ثم راح يتابع سقوط إسرائيل الحاد وهي تهوي هذه المرة من علوها الشامخ الذي اطمأنت إليه حتى قاع من الضياع لا قرار له "وفي كتاب البندقية و غصن الزيتون يقول الصحفي البريطاني / دافيد هيرست "إن حرب أكتوبر كانت بمثابة زلزال، فلأول مرة في تاريخ الصهيونية حاول العرب ونجحوا في فرض أمر واقع بقوة السلاح ولم تكن النكسة مجرد نكسة عسكرية بل أنها أصابت جميع العناصر السيكولوجية والدبلوماسية والاقتصادية التي تتكون منها قوة وحيوية أي أمة وقد دفع الإسرائيليون ثمنا غاليا لمجرد محافظتهم علي حالة التعادل بينهم وبين مهاجميهم وفقدوا في ظرف ثلاثة أسابيع وفقا للأرقام الرسمية ٢٥٢٣رجلا وهي خسارة تبلغ من حيث النسبة ما خسرته أمريكا خلال عشر سنوات في حرب فيتنام مرتين ونصف لقد أسفرت الحروب الإسرائيلية العربية السابقة عن صدور سيل من الكتب المصورة المصقولة الورق تخليدا لذكري النصر، أما في هذه المرة فان أول كتاب صدر في إسرائيل كان يحمل اسم المحدال أي التقصير".
كما أن هناك العديد من الشهادات التي جاءت على لسان المؤرخين والعسكريين والقادة الأجانب التي جسدت اعترافا بمدى مهارة الجندي العربي وبسالته في الدفاع عن أرضة ومدى الذكاء الذي يتمتع به القادة العرب الذين باغتوا الدول الداعمة لإسرائيل على حين غفلة واقتنصوا الفرصة الذهبية للنصر واستعادة الأرض والعرض.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

محمود الجندي «الممثل» الذى رسمت «الدراما» محطات حياته